Wednesday, October 29, 2008

58 TURUQ HAFS AN 'ASIM (3)

) في المد والقصر

ما زال بعض الناس يلتبسون في حقيقة الوجوب في المد المتصل ومعنى الجواز في المد المنفصل. والمراد بالمد : الفرعى، وهو زيادة المد على المد الأصلي، وهو الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المد دونه[1].كما قال الإمام الشاطبي : إذا ألف أو ياؤها بعد كسرة أو الواو عن ضم لقي الهمز طولا[2]. والقصر : ترك تلك الزيادة.

وذهب الجمهور إلى أنه لا بد له من علامة تدل على زيادته على المد الطبيعي. وعلامة المد مطة بآخرها ارتفاع قليل هكذا ( ~ ) وهي مأحوذة من كلمة مد بعد طمس ميمها وإزالة الطرف الأعلى من دالها. وتوضع هذه العلامة فوق حروف المد الثلاثة إذا جاورها همز متصل أو منفصل في حالة زيادة مده على القصر، أما على قراءة القصر فلا توضع العلامة.[3] ولا تستعمل هذه العلامة للدالة على ألف محذوفة بعد ألف مكتوبة مثل: (آمنوا) كما وُضع غلطاً في كثير من المصاحف بل تكتب ءامنوا بهمزة وألف بعدها.

( المد المتصل )

وحكمه واجب، لاجتماع القراء على مده، لأن جميع القراء أجمعوا على مده من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولا خلاف بينهم في مده قطعا حتى قال إمام المتأخرين، ابن الجزرى رحمه الله تعالى قال :" تتبعت قصر المتصل فلم أجده في قراءة صحيحة، ولا شاذة". قال الجعبري ووجه المد أن حرف المد ضعيف خفي، والهمز قوي صعب، فزيد في المد تقوية للضعيف. وقيل: ليتمكن من النطق بالهمزة على حقها. ولكنهم اختلفوا في مقداره:

1) ذهب أكثر العراقيين، وكثير من المغاربة، إلى مده لكل القراء، قدرا واحدا مشبعا، من غير إفحاش، ولا خروج عن منهاج العربية، كما قال ابن الجزرى : ...أو اشبع مااتصل للكل عن بعض[4].

2) وذهب آخرون إلى تفاضل المراتب فيه، ثم اختلفوا قي كمية المراتب .

- فالذي ذهب إليه الداني في جامعه، أنها أربع[5] :

الأولى : طولى (ست حركات) لحمزة، وورش من طريق الأزرق، وابن

ذكوان من طريق الأخفش عند العراقين.

الثاني : دونهم (خمس حركات) لعاصم.

الثالثة : دونهم )أربع حركات) لابن عامر من غير طريق الأخفش المذكور،

والكسائي، وكذا خلف.

الرابعة : دونهم (ثلاث حركات) لقالون ، وورش من طريق الأصبهاني،

وابن كثير، وأبي عمرو، وكذا أبو جعفر، ويعقوب.

ومعنى دونهم يعني أقل منهم حركة واحدة.[6]

- وذهب آخرون إلى أنها مرتبتان :

الأول : طولى لورش وحمزة (ست حركات) . الثاني : للباقين بالتوسط (أربع حركات) . وهو الذي استقر عليه رأي الأئمة قديما ، قال بعضهم : وهو الذي ينبغي أن يؤخذ به ، ولا يمكن أن يتحقق غيره، ويستوي في معرفته أكثر الناس، ولذا صدر به في الطيبة [7].

وكان إمامنا الشاطبي رحمه الله تعالى يأخذ به هو القول بالمرتبتين فقط. إن قلت : من أين جاء لك أن الشاطبي كان يأخذ بذلك مع أنه أهمل في حرزه ذكر تفاوت المد ولم ينبه عليه، والمرتبتان خلاف التيسر. قلت : من السماع الصحيح المتلقي بالسند الصريح. وقد نقل الجعبري عن السخاوي أن الشاطبي كان يقرىء بمرتبتين طولى لورش وحمزة ووسطى للباقين وأنه عدل عن المراتب الأربعة لأنها لا تحقق ولا يمكن الإثبات بها في كل مرة على قدر السابقة بخلاف المرتبتين فإنهما تتحققان ويمكن ضبطهما وتتيسران على النبيه والغبي ولا تكاد تخفى معرفتهما على أحد، وكونهما خلاف التيسر لا يضر لأنه خلاف إلى ما هو أقوى. [8]

( المد المنفصل )

وحكمه : الجواز، لجواز مده وقصره عند بعض القراء. فالقصر حركتان، والمد يشتمل فويق القصر، والتوسط، وفويق التوسط، والإشباع. وقال ابن الجزري : .. وقصر المنفصل بن لي حما عن خلفهم داع ثمل[9]..

أما رواية القصر لحفص فليست من طريق الشاطبية الذي نلتزم به اليوم، وإنما هو من طريق (طيبة النشر) في القراءات العشر. وعلى هذا فلا يجوز للقارىء أن يقرأ بقصر المنفصل إلا إذا كان دراية بالأحكام المترتبة عليه حتى لا يحصل خلط أو تركيب الطرق بعضها ببعض[10].

وأما مقدار مده : بالنسبة لحفص عن عاصم من طريق الشاطبية فهو أربع حركات وهو المعروف بالتوسط، أو خمس حركات أيضا وهو المعروف بفويق التوسط. والوجهان صحيحان مقروء بهما لحفص من طريق الشاطبية إلا أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء وهو الذي ارتضاه إمامنا الشاطبي – رحمه الله تعالى – ولم يقرىء بسواه لأصحاب التوسط فاعلم ذلك.

تنبيهات :

1) أن المد المتصل والمنفصل يمد كل منهما أربع حركات أو خمسا، وهذان الوجهان قرىء بهما لحفص من طريق الشاطبية إلا أن المد خمس حركات يعرف بأنه من زيادات القصيد بمعنى أن صاحب التيسير الذي هو أصل الشاطبية ذكره عن عاصم، ولكن المد أربع حركات هو المقدم في الأداء لأن الإمام الشاطبي كان يأخذ به ولم يذكر في قصيدته غيره. هذا ما نقل من كتاب ( الإرشادات الجلية في القراءات السبع من طريق الشاطبية) للدكتور محمد سالم محيسن، وكتاب (المنح الإلهية في جمع القراءات السبع من طريق الشاطبية) لخالد بن محمد الحافظ العلمي الحسيني، وكتاب (الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع ) وكتاب (البدور الزاهرة) لعبد الفاتح القاضي، وكتاب (النفحات الإلهيه في شرح متن الشاطبية) لمحمد عبد الدايم خميس، وكتاب (سراج القارىء المبتدي) لإبن القاصح .

2) أن المصحف الذي نلتزم به اليوم تدل على قراءة بالمد فى المنفصل لثبوت علامة المد فيه.

3) أن المد المنفصل والمتصل اتفقا في الزيادة ، وتفاوتا في النقص، فلا يجوز فيهما الزيادة على ست حركات، ولا يجوز نقص (المتصل) عن ثلاث حركات، ولا (المنفصل) عن حركتين [11].


[1] محمد فهد خاروف ، الميسر في القراءات الأربعة عشرة ، ( بيروت ، دار ابن كثير و دار الكلم الطيب ، ط 1 ، 1995 م ) ص 72

[2] نفس المصدر السابق ( باب المد والقصر ) ص 14 .

[3] الدكتور محمد محمد محمد سالم محيسن، إرشاد الطالبين إلى ضبط الكتاب المبين، ( القاهرة، طبع على نفقة قطاع المعاهد الأزهرية، 1995م) ص 23.

[4] نفس المصدر السابق ( باب المد والقصر ) ص42

[5] الداني ، الإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد ، التيسير في القراءات السبع ، تحقيق : أوتو يرتزل ، ( بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 1996 م ) ص 35.

[6] قمحاوي ، محمد الصادق ، الكوكب الدري في شرح طيبة ابن الجزري ، ( المكتبة الكليات الأزهرية ، ط 1 ) ص 130 .

[7] فال ابن الجزري في الطيبة :

إن حرف مد قبل همز طولا جد فد مز خلفا وعن باقي الملا

وسط وقيل دونهم نل ثم كل روى فباقيهم او اشبع ما اتصل

[8] الضباع ، العلامة علي محمد الضباع ، مختصر بلوغ الأمنية على نظم تحرير مسائل الشاطبية ، تحقيق : محمد عبد القادر شاهين ، ( بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ) ص 10 .

[9] نفس المصدر السابق ( باب المد والقصر ) ص 43.

[10] صابر حسن محمد أبو سليمان ، عمدة البيان في تجويد القرآن ، ( الرياض ، دار عالم الكتب ، ط 1 ، 1997م ) ص 122

[11] الضباع ، العلامة علي محمد الضباع ، منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال ، تحقيق : أبو محمد أشرف بن عبد المقصود ، ( الرياض ، مكتبة أضواء السلف ، ط 1 ، 1997م ) ص 99 .

No comments: