Friday, September 19, 2008

58 TURUQ HAFS AN ASIM (1)

58 طرق من رواية حفص بن سليمان الكوفي

المقدمة :

الحمد لله الذي علَّم بالقلم، وقال :(وَلاَ يَأبَ كَاتِب أن يكتب كما علمه الله). والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، الذي أنزل الله عليه قرآناً عربياً غير ذي عوج، ويسره للذكر فنـزَّله على سبعة أحرف تسهيلاً علينا وتيسيراً، وعلى آله وصحبه من كان منهم أئمة ثقات تلقَّوا القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحفظوه في قلوبهم، ووعوه في صدورهم، وجمعوه وكتبوه في سطورهم. ورضي الله عن أئمة القراءة الذين أخذوا عنهم ونهلوا منهم، وعن أولئك المشايخ الأفاضل الذين جاؤوا من بعدهم فكتبوا تجويد ألفاظه، وجمعوا اختلاف حروفه وطرقه ورواياته في كتب ومنظومات غدت مرجعاً لأهل العلم عامة، ولأهل القرآن خاصة.

يجب علينا نحن المدرسون في مادة التلاوة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا الذين يرشدون المنتسبين اليها خاصةً والناس حولها عامةً، أن نقوي فهمنا وندققه في هذا العلم لا سيما القراءة برواية حفص عن عاصم.

فأرجو هذا البحث المتواضع يستطيع أن يكون أساساً باعثاً لنا في ترصيد القراءة بهذه الرواية حتى نستطيع أن نعلم ونرشد الدارسين لها في هذا العصر. ولمساندة الجامعة في مهمتها العلمية المعروفة فلا بد لنا أن نستوعب الطرق التي تقوم عليها هذه الرواية، ولا نشبع برواية واحدة فقط. وبهذا نستطيع أن نقرأ بقراءة صحيحة ولا ننحرف مع المنحرفين الذين يخلطون ويركبون الطرق بعضها مع بعض.

ومن المعلوم أن طريق الشاطبي هي الطريق الوحيدة المعروفة لدى الماليزيين للقراءة برواية حفص عن عاصم، وكذلك في كثير من المؤسسات العلمية والمعاهد الدينية ولكن في الوقت نفسه فإنهم يلتفقون قراءتهم هذه الطريق بطرق أخرى. وذلك بسبب عدم اتقانهم بعلم طرق حفص إضافة إلى تعلقهم واعتمادهم على المصاحف الموجودة في هذا البلاد.

الباحث سيوضح في هذا البحث بعض المسائل المتلبسة لدى الناس؛ منها القراءة بالمد والقصر. وفي وجهة نظر الباحث فإن هذه المسألة لابد أن توضع وتبين بالتفصيل حتى يستطيع المجتمع يقرؤون القراءة بقراءة صحيحة دون تعسف ولا تعصب.

وهذا البحث يكتب معتمدا على كتاب (فتح الرحمن في تيسير طرق حفص بن سليمان) بالتفصيل وبأسلوب سهل. فإن صاحبي هذا الكتاب قد صنفا كتابهما مستندا إلى ما كتبه الضباع في كتابه (صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص) الذي يبين المسائل تتعلق بطرق حفص أيضا ولكن أسلوب ما كتبه يصعب فهمها إضافة إلى بعض المصطلحات الغامضة التي تحتاج إلى تفسيـر. وهذا الكتاب عين ثمان وخمسين طريقا جميعها، ويبين بالتفصيل ما يلزم اتباع في جميع الطرق كى لا يخلط القارىء الطرق بعضها ببعض. ونظراً إلى أن في ماليزيا لا يقرأ القرءان إلا بطريق الشاطبي فإنه يكفينا أن نعلم ما يلزم اتباع في طريق الشاطبي وفي وقت نفسه نعمق وندقق الطرق الأخرى حتى نستطيع أن نعرف مميزات كل الطرق.

وهذا، فإني أنظر إلى أن ما كتبه مؤلفا (فتح الرحمن) وصاحب (صريح النص) كان مكملا ومتمما لما صنعه وتفرده الإمام الجرزي في تنقية وتصحيح مفاهم الناس المعاصرين له حيث أنهم يعتقدون ويظنون أن القراءة الصحيحة المتواترة الواحدة هي التي توجد في متن الشاطبية وكتاب التيسير كما قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام ومقتدي الأنام محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري :

"فلما كان كتاب التيسير للإمام الحافظ الكبير المتقن المحقق أبي عمرو الداني رحمه الله تعالى من أصح كتب القراءات، وأوضح ما أُلِّف عن السبعة من الروايات، وكان من أعظم أسباب شهرته دون باقي المختصرات نظم الإمام ولي الله تعالى أبي القاسم الشاطبي رحمه الله تعالى في قصيدته التي لم يسبق إلى مثلها، ولم ينسج في الدهر على شكلها، وإني لما رأيت الجهل قد غلب على كثير من العوام، وشاع عند من لا علم له من الغوغاء الطغام، وأنه لا قراءة إلا في هذين الكتابين، وأن الأحرف السبعة المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف هي قراءات هذه السبعة القراء، وأن ما عدا ما في هذين الكتابين من القراءات شاذ لا يقرأ به، ولا يصح قرآناً، وكل قول من هذه الأقوال ونحوها باطل لا يلتفت إليه[1] ".

فمسئوليتنا ومهمتنا هي توضيح وتبيين هذه المسائل للناس – إن سئلنا – حتى يفهمون أن القراءة برواية حفص عن عاصم ليست بطريقة واحدة فحسب ألا وهي طريق الشاطبي ولكن هناك طرق أخرى جائزة متواترة .

وفي هذه المناقشة أرفق الدلائل من (حرز الأماني ووجه التهاني) و (طيبة النشر) لتأييد وتقوية أوجه الطرق من رواية حفص الكوفى. والدلائل من (حرز الأماني ووجه التهاني) خاصة لطريق الشاطبي وأما الدلائل من (طيبة النشر) عامة لإثنين وخمسين طرق أخرى ومن ضمنها طريق الشاطبي. وأرى أن معرفة الدلائل المؤيدة لأي وجه من أوجه القراءات من الأمور المهمة لأن بسبب معرفتها تجعلنا على يقين في قراءة أوجه القراءات الصحيحة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحسب فهمي من قول الشيخ السيد علي بن ماجد وهو شيخي : لمن يريد أن يتعمق في علم القراءات لا يكفي عليه أن يعلم أوجه القراءات فقط بل عليه أن يعلم الدلائل المؤيدة لها معا. باختصار أن هذه المناقشة لا تقصد مناقشة كل من ثمانى وخمسين طرقا بالتفصيل بل تكفي لتوضيح جزء منها كمقدمة لمن لا علم لها سابقا.

هدف البحث

1) تطوير وترسيخ معلومات المدرسين لمادة التلاوة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا خاصةً في القراءة برواية حفص عن عاصم .

2) رد الشبهات عند القراءة برواية حفص .

3) معرفة دقائق طريق الشاطبية من حيث ما يلزم اتباعه وما لا يلزم .

4) تلبية متطلبات المتعلمين لهذا العلم وتوعيتهم بالقراءة الصحيحة برواية حفص .

5) ترقية المدرسين المؤهلين في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا إلى مستوى القارىء أو المقرىء .

انتشار القراءات في العالم الإسلامي

تنتشر القراءت في العالم الإسلامي اليوم تقريبا على الشكل التالي [2] :

أولا : قراءة نافع بن عبد الرحمن.

- رواية قالون : في ليبيا وجزء من تونس.

- رواية ورش : في الجزائر والمغرب، وجزء من تونس، وجزء من السودان.

ثانيا : قراءة أبي عمرو ابن العلاء البصري : في جزء من السودان

ثالثا : قراءة عبد الله بن عامر : في اليمن.

وفيما سوى ذلك من البلاد، فلا توجد إلا قرأءة عاصم بن أبي النجود، برواية حفص بن سليمان الكوفي .

وبإحصاء بسيط يتبين أن نسبة انتشار القراءات في العالم الإسلامي هي كما يلي:

1) قراءة نافع- رواية قالون 0،7%

- رواية ورش 3 %

2) قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري 0،3%

3) قراءة عبد الله بن عامر الدمشقي 1%

4) قراءة عاصم بن أبي النجود برواية حفص 95%

حكم الخلط بين الطرق.

واعلم أيها القارىء الكريم أن حكم الخلط بين الطرق يدور بين الحرام أو الكراهة أو العيب عند أهل هذا الفن[3] .

ولقد قال الإمام شهاب الدين القسطلاني : "..فإنما ذلك عند المتأخرين دون المتقدمين لأنهم كانوا يقرؤون القراءات طريقا طريقا فلا يقع لهم إلا القليل من الأوجه، وأما المتأخرون فقرؤوها رواية رواية، بل قراءة قراءة، بل أكثر حتى صاروا يقرؤون الختمة الواحدة – أى بالجمع - للسبعة أو العشرة فتشبعت معهم الطرق وكثرت الأوجه، وحينئذ يجب على القارىء الاحتراز من التركيب في الطرق وتمييز بعضها من بعض وإلا وقع فيما لا يجوز، وقراءة ما لم ينزل، وقد وقع هذا كثير من المتأخرين[4]" .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – عن جمع القراءات السبع هل هو سنة أم بدعة ؟ وهل جمعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل لجامعها مزية ثواب على من قرأ برواية أم لا ؟

فأجاب :" الحمد لله، أما نفس معرفة القراءة وحفظها فسنة متَّبعة يأخذها الآخر عن الأول، فمعرفة القرآن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، أو يُقِرُّهم على القراءة بها، أو يأذن لهم، وقد أقرؤوا بها : سنة . والعارف في القراءات، الحافظ لها مزية على من لم يعرف ذلك، ولا يعرف إلا قراءة واحدة . وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة، وأما جمعها لأجل الحفظ والدرس فهو من الاجتهاد الذي فعله طوائف في القراءة" [5].

وقد قطع الإمام مصطفى الأزميري بأن حكم التركيب التحريم، وجعلَ الاحترازَ منه باعثه على تأليف كتابه ( زبدة العرفان في تحرير أوجه القرآن ) فقال في سبب تأليفه وجمع ما فيه من الطرق : " احترازاً عن التركيب لأنه حرام في القرآن على سبيل الرواية، أو مكروه كراهة تحريم كما حققه أهل الدراية[6]. "

قال الصفاقسي في كتابه (غيث النفع) :" أهمل الشاطبي رحمه الله تعالى ذكر طرق كتابه اتكالاً على أصله التيسير، ونحن نذكرها تتميما للفائدة إذ لا بد لكل من قرأ بمضمن كتاب أن يعرف طرقه ليسلم من التركيب [7]."



[1] ابن الجزري ، الإمام الحقق محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري ، تحبير التيسير في قراءات الأئمة العشرة ، تحقيق : جماعة من العلماء بإشراف الناشر ، ( بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 1983 م ) ص 7 .

[2] عيتاني، عبد الرحمان، المفيد في علم التجويد، (بيروت: مؤسسة الريان، ط 2، 1998م )، ص 147.

[3] أبو عبد الرحمان رضا علي درويش و أبو سهل سامح بن أحمد بن محمد ، فتح الرحمن في تيسير طرق حفص بن سليمان ( مكتبة قرطبة للتراث ، ط 1 ، 2000 م ) ص 41 .

[4] عبد الحليم بن محمد الهادي قابه ، القراءات القرآنية ، تحقيق : الدكتور مصطفى سعيد الخن . ( بيروت ، دار الغرب الإسلامي ، ط 1 ، 1999 م ) ص 222 – 223 .

[5] آل إسماعيل ، الدكتور نبيل بن محمد إبراهيم ، علم القراءات : نشأته – أطواره – أثره في العلوم الشرعية ، ( الرياض ، مكتبة التوبة ، ط 1 ، 2000م ) ص33- 34 .

[6] الأزميري ، مصطفى بن عبد الرحمن بن محمد ، زبدة العرفان في تحرير أوجه القرآن ، ( القاهرة ، مكتبة الجندي بالحسين ، ) ص 3

[7] الصفاقسي ، ولي الله سيدي علي النوري ، غيث النفع ، تحقيق : محمد عبد القادر شاهين ( بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 1999 م ) ص 12

No comments: